zaydoun مشرف
عدد الرسائل : 65 تاريخ التسجيل : 06/04/2007
| موضوع: الشحاذ ج 2 السبت مايو 05, 2007 1:23 pm | |
| الأدوات القصصية : إن هذه الذات المضطربة تلون مختلف الأدوات القصصية تلوينا وسمها بالتشتت و غياب الوضوح إذ أن الحمزاوي لا يتحرك في الداخل بل لعل حركة الداخل أكثر بروزا و تواترا وأهمية , ذلك أن رحلة الشحاذ في جوهرها رحلة باطنية نفسية تتجه فيها الأحداث نحو الداخل فتكشف عن مختلف ما يضجّ في الذات من هواجس و تأملات و انفعالات و هذه الحركة الداخلية جعلت عناصر القصّ تتميز بملامح خاصة فقد اختص السرد بكشف باطن الشخصية الرئيسية فكان في أغلبه سردا نفسيا ذاتيا , و لما كانت هذه الشخصية مشتتة مضطربة مأزومة فقد كانت العلاقات بين وحدات السرد قائمة على الاعتباط و غياب الوصل الواضح و خضعت الوحدات القصصية لمبدأ التداعي تتوارد فيه الخواطر منبعثة في نفس البطل توارد لا منطق فيه إذ يمكن أن يجاور السرد بين الحلم واليقظة أو بين أحداث وقعت في أزمنة متعددة و يمكن إن يربط بين الوقائع ربطا تنتفي فيه الروابط السلبية فنقرأ مثلا قول الراوي في أوّل صفحة من الرواية" و أحب الطفل اللاعب المستطلع و الأبقار المطمئنة و لكن ازدادت شكواه من ثقل جفونه و تكاسل دقات قلبه و هاهو الطفل ينظر إلى الأفق على الأرض". و نفس هذه الملامح تبرز في الوصف و قد هيمنت ذات الحمزاوي على عملية الوصف, هيمنتها على السرد , و لذلك كان الوصف في الرواية لا يحتفل كثيرا بالأشياء بقدر ما يقدم عالم الشخصية الراصدة التي تسقط على الأشياء ظلالا من عالمها النفسي , معنى ذلك أّن الوصف في مجمل الرواية كان في الأغلب وصفا ذاتيا يصدر عن الذات و يعود إليها , و لذلك فالأشياء في الرواية لا تكتسب أهميتها من خلال علاقتها بالعالم الذاتي للبطل الشحاذ : فالأمكنة التي احتضنت مراحل مسيرة هذا البطل مثلا اكتسبت أبعاد وظيفة باعتبار أن لا قيمة للمكان إلا من حيث ارتباطه بأطوار رحلة الشخصية الرئيسية : يقول مصطفى توني في هذا السياق " إن المكان في روايات نجيب محفوظ الذهنية ليس مجرد إطار للأحداث و الشخصيات و إنما هو عنصر حيّ فاعل في هذه الأحداث و في هذه الشخصيات ". أي إن الأمكنة في الرواية عنصر مساهم في إجلاء معالم مسيرة الحمزاوي فهي تخرج عن صورتها المادية الواقعية لتكسب كثافة رمزية إبداعية و تعبّر عن مقصد ذهني يتواشج مع طبيعة الرواية و يرتبط بخصوصية القضايا التي تثيرها . و لا تقتصر هذه الوظيفة على المكان فحسب بل تشمل الزمان أيضا إذ بدت الأزمنة في الرواية متجانسة مع أحوال النفس و هو تجانس يؤكد هذه الوظيفة التي اضطلعت بدور بارز في تعرية باطن الشخصية و غدت مساهمة في تجسيد مراحل الأزمنة و خفاياها. لقد كانت هذه الأطر بمثابة المجاز المرسل يحيل رأسا على إضاءة أغوار نفسية الشحاذ . و لعل أبرز مظاهر هيمنة هذه الذات تتكشف من خلال الحوار في الرواية إذ قامت أغلب الحوارات على ضرب من المناجاة الداخلية يغوص فيها الراوي في نفسية البطل فيكشف عن هواجسها و آمالها و هذه الحوارات هي ضرب من حديث الشخصية الصامت يحيل على حركة مستعرة في الذات و قد غدت أمام القارئ كتابا مقروءا تتكشف فيه المشاعر و الآمال و المخاوف و تنهمر الذكريات و الآمال انهمارا يدعو فيه الشيء مثيله و نقيضه في آن في توارد للخواطر و تداع للصور و الرؤى المتباينة , حتى لكأن الراوي الرّاوي يلتزم بالصمت و يتنازل عن وظائفه في الحكي للبطل الرئيسي يعلو صوته و يتضخم ليعبّر عن خلجات نفسه تعبيرا حرّا مباشرا . أما الحوارات الناطقة فقد صبغت أغلبها بصبغة فكرية ذهنية تستجيب لطابع الثر فهي تثير مسائل تتعلق بقضايا اجتماعية و حضارية و فلسفية لا تخلو من عمق , و لا شك أن هذه المسائل متولدة عن تشبّع نجيب محفوظ بالروافد الفلسفية بفعل طبيعة تكوينه الثقافي , هذه الروافد التي وجدت متنفسا لها في هذا الطور من كتاباته الروائية . | |
|
prof مراقب عام
عدد الرسائل : 498 العمر : 42 تاريخ التسجيل : 25/03/2007
| موضوع: رد: الشحاذ ج 2 السبت مايو 05, 2007 5:43 pm | |
| دائما متالق اخي العزيز ألف شكر | |
|
zaydoun مشرف
عدد الرسائل : 65 تاريخ التسجيل : 06/04/2007
| موضوع: رد: الشحاذ ج 2 الأحد مايو 06, 2007 8:44 am | |
| | |
|